الدكتور سيد نافع يكتب :الإبداع
ما هو الإبداع ومن هو المبدع ؟ هل الإبداع قاصراً علي الفن والفنون ؟ وهل كل ما يقدم من فن وفنون هو أعمال ابداعية أم أن لها شروط لينطبق عليها هذا الوصف أهمها مراعاة البعد الأخلاقي فيما يقدم ؟ وهل يجوز أن يدخل الإبداع في مجال الدين ؟ الإيتداع في مجال الدين مرفوض وكل بدعة في مجال الدين ضلالة وكل ضلالة في النار كما قال رسول الله صلي الله عليه وسلم ، والإبتداع في الدين هو تفسير النصوص وفقاً للهوي وللصالح الشخصي ليخدم أشخاص أوو جماعات أو تيارات دينية ، الشخص المبتدع في الدين هو الذي يهدم أصوله وثوابته ويغير ويبدل ويضيف ويحذف وفقاً لهواه ، أما الإبداع بمعني التجديد وفهم مدلولات النصوص وفقاً لضوابط ومعايير واضحة وعلمية تتفق مع العصر فمطلوب وهو الذي أشار اليه رسول الله صلي الله عليه وسلم عندما قال ( إن الله يرسل علي رأس كل عام لأمتي من يجدد لها دينها وفي لفظ آخر إيمانها ) والأفضل أن نستخدم في مجال الدين لفظ المجدد للمبدع وليس المبتدع .
المبدع هو شخصية creative بمعني خلوق تحكمه منظومة الأخلاق والقيم ودائماً يفكر خارج الصندوق ليأتي بكل جديد ومفيد ونافع ، الإبداع لا يقتصر علي الفن والفنون الإبداع في كل المجالات سياسية واقتصادية واجتماعية ومهنية وعلمية وعملية ، المبدع هو شخص متميز في مجاله تحكمه ضوابط وقيم وأخلاق ويأتي بكل جديد ، عنده حدس وبصيرة يقرأ الواقع بطريقة صحيحة ويستطيع التنبأ بالمستقبل وبالتالي تجد أفكاره دائماً سابقة لعصره وقد يعاني تجاهلاً واحباط نتيجة لعدم فهمه لكن هذا قدره وغالباً ما يفطن الناس لفكره بعد رحيله .
المبدع هو رجل قول وفعل وفكر, فالرجال أنواع ؛ رجل فكر ورجل عمل ورجل قول وهناك أشباه الرجال ، وقل أن يجتمع الفكر مع العمل ، أما اجتماع الفكر والقول والعمل فيكاد يكون ضرباً من ضروب المستحيل لكنه يحدث أحياناً ، ولا يجتمعوا إلا في المبدع والذي علي عاتقه تبني الأمم ، فلا تسرفوا في استخدام لفظ الابداع وتطلقونه علي من يستحق ومن لا يستحق, لكن لماذا يندر أن يجتمع في الرجل الفكر والعمل ؟ ربما لأن رجل الفكر يسره أن يعلو علي الواقع ويسوغه علي هواه ويقننه في شكل مبادئ وقيم ، أما رجل العمل فيحترم الواقع ويلتزمه فيستخرج من القرش أقصي ما يعطي ومن الإنسان أعظم ما يمنح ومن المادة أكبر ما تحوي ومن الزمان أغني ما يجود به ومن المكان أفضل ما ينطوي عليه
ورجال الأعمال ليسوا طرازاً واحداً فمنهم مؤسسو الأمم ومنهم مؤسسو الدول ومنهم مؤسسو المشروعات كبيرة كانت أو صغيرة , أما مؤسسو الأمم فهم في الأغلب والأعم ثوار أصحاب مبادئ وقيم ، وهم أقرب الي أهل الفكر ، ويغلب عليهم الروحانية وإن كانوا رجال عمل يريدوا أن يضيفوا الي الواقع اشياء جديدة ، هم يجمعوا ولا يفرقوا ، يصبروا علي أذي الناس وسخفهم .
أما مؤسسو الدول فهم رجال دهاء وحذق يغلب عليهم اقتناص الفرص والمراوغة والمداراة, والصنف الثالث من الرجال هم رجال الأقوال : فهم رجال مفوهون كلامهم يلهم السامع ويلهب الخاطر ويسعد الأذن ويخطف البصر ، يدفعون الجموع الي الاستماتة ، يشبهون البوق في الإهابة والرعد في الإخافة والبرق في الإضاءة وما لم يجتمع القول مع الفعل فقدوا مصداقيتهم وبريقهم, فمؤسسو الأمم هم المبدعون حقاً فهم رجال فكر وقول وعمل .